الوضع المظلم
الأربعاء ٠٦ / نوفمبر / ٢٠٢٤
Logo
  • المستشار السابق بوزارة الخارجية السعودية سالم اليامي لـ"ليفانت: منذ العام 2011 تعيش المنطقة حالة غير مستقرة ومرتبطة بعدم الاستقرار في النظام الدولي

المستشار السابق بوزارة الخارجية السعودية سالم اليامي لـ
مستشار سابق بوزارة الخارجية السعودية وباحث في العلاقات الدولية

بينما تبدو منطقة الشرق الأوسط على تخوم تحوّلات جمّة، من عدة نواح، إقليمية وأمنية وجيوستراتيجية، فإنه ثمة تساؤلات عديدة ومتفاوتة تحتاج لمقاربات سياسية ونظرية وعملية لمحاولة فهم المستقبل ومآلات الواقع بما تحمله من أحداث وتداعيات.

وفي حواره مع "ليفانت"، ناقش سالم اليامي، المستشار السابق بوزارة الخارجية السعودية، والباحث في العلاقات الدولية، جملة الأحداث السياسية وتحولاتها، فضلاً عن ارتباطاتها بالأوضاع الدولية التي تشهد درجة قصوى من الاستقطاب، وكذا تنافساً جيوسياسياً هائلاً بما يجعل الملفات، في عدد من دول الإقليم المنخرطة فيها تلك القوى، مفتوحة على عدة سيناريوهات، وبنفس الدرجة تستقبل تحالفات مؤقتة وتكتيكية تفرضها التناقضات وإعادة ترتيب المصالح.

وقال المستشار السابق بوزارة الخارجية السعودية لـ"ليفانت"، إن العالم اليوم يعيش حالة شبه عامة من عدم الاستقرار، والمنطقة العربية، وإقليم الشرق الأوسط يعيش حالة خاصة من التغير في العلاقات، والتوازنات التي بعضها آخذ في التبلور، وأيضاً في طبيعة التحديات.

وأردف: "العالم يعيش حالة تغير، ومنطقتنا ليست بعيدة عن تلك المؤثرات. والأمنيات ألا تكون نتائج هذه التغيرات حادة، لأن المنطقة منذ العام 2011 تعيش حالة غير مستقرة عبر عدد من الملفات الاقليمية التي ترتبط بحالة عدم الاستقرار في النظام الدولي، مما يدفعنا نحو التأكيد لذلك، كون الوضع الإقليمي قد لا يحتمل هزات عدم استقرار جديدة".

نص الحوار:

تبدو منطقة الشرق الأوسط في لحظة بالغة الحرج والسيولة نتيجة خلل التوازنات الإقليمية مما دفع التوتر أن ينسحب على كثير من مسارح الأحداث عبر عديد الدول العربية.. في هذا الإطار كيف نستطيع فهم سياق ذلك؟

العالم اليوم يعيش حالة شبه عامة من عدم الاستقرار، والمنطقة العربية، وإقليم الشرق الأوسط يعيش حالة خاصة من التغير في العلاقات، والتوازنات التي بعضها آخذ في التبلور، وأيضاً في طبيعة التحديات الكبيرة. إذاً؛ العالم يعيش حالة تغير، ومنطقتنا ليست بعيدة عن تلك المؤثرات. والأمنيات ألا تكون نتائج هذه التغيرات حادة، لأن المنطقة منذ العام 2011 تعيش حالة غير مستقرة عبر عدد من الملفات الإقليمية التي ترتبط بحالة عدم الاستقرار في النظام الدولي مما يدفعنا نحو التأكيد على ذلك، كون الوضع الإقليمي قد لا يحتمل هزّات عدم استقرار جديدة.

تتحرك طهران عبر وكلائها الإقليميين في المنطقة العربية لتوظيف الأيديولوجيا والمعتقد الديني في أغراضها السياسية.. إلى أي حدّ ينبغي أن تعمل العواصم الكبرى في المنطقة العربية نحو مواجهة ذلك؟

طهران تحضر لنفسها لتكون اللاعب الأقوى إقليمياً، ومن خلال حالة الضعف التي يتعامل بها المجتمع الدولي مع إيران، وبخاصة الولايات المتحدة الأمريكية، والدول الغربية، تواصل إيران عبر القيادات المتشددة التي تمسك زمام السلطة الآن إلى زيادة وتيرة التصعيد مع الأطراف الإقليمية، ومحاولة نشر مبادئها الفكرية والسياسية التي قامت عليها ثورتها من خلال تخريب بنية الدولة العربية، وإدخال مفاهيم جديدة للصراع في مجتمعات المنطقة مثل الطائفية والمذهبية.

وكيف ترى إذاً الضغوطات التي تمارسها طهران في العراق ضد المصالح الأمريكية على مفاوضات فيينا ومسار الاتفاق النووي؟

وحول الدور الإيراني في العراق، لا يمكن الإنكار أن العراق أصبحت ساحة نفوذ إيرانية متقدمة، وهي تقوم بعمليات تجريب من خلالها تحارب الدول الكبرى بأذرعها، واتباعها في العراق، على نحوٍ خاص، وفي أماكن أخرى من العالم العربي.

لماذا يقبل الغرب وأمريكا ابتزاز إيران لا سيما لو وضعنا ملف مزدوجي الجنسية أمامنا للتدقيق والفحص؟

الغرب، بمعنى دول الاتحاد الأوربي، يسعى لجني مصالح من خلال السماح للجانب الإيراني بالتمادي في طريقة الذي يقوم على حساب دول المنطقة، والجانب الأمريكي يعيش حالة مسالمة، وضعف، وتخبط حتى في خياراته السياسية، فهو يبحث عن نصر سريع، وربما شكلي مع الجانب الإيراني بناء على مرجعيات، وأسباب حزبية أمريكية، ولأسباب تتعلق بالخط العام للديمقراطيين بشكلٍ مباشر. يضاف على ذلك الحالة الصحية للرئيس الأمريكي والمؤثرات التي تشكل المزاج السياسي الأمريكي داخلياً وخارجياً في هذه المرحلة.

كيف ترى انعكاسات الخلاف الإسرائيلي الأمريكي بشأن المحادثات النووية على الوضع الإقليمي وعلى طهران.. وإلى أي حدّ يمكن اعتبار امتلاك طهران المعرفة التقنية النووية أخطر من حيازة قنبلة نووية وهو الحاصل راهناً؟

رأيي الشخصي هو أن الجانبين الأمريكي والإسرائيلي لديهما القدرة للوصول إلى نقطة تؤمن فيها أمريكا أمن دولة إسرائيل، والجانب الإسرائيلي قد يستخدم طرقاً غير مباشرة للتأثير على القدرات النووية الإيرانية، ولكن، في المحصلة النهائية، قد تكون الدول العربية الخاسر في هذه التحديات، خاصة بعد حصول إيران على القوة النووية، وهو أمر أصبح متوقعاً اليوم أكثر من أي وقتٍ مضى.

كيف يمكن الاصطفاف إقليمياً ودولياً لمنع تفلت طهران وتهديداتها؟

بخصوص إيران، هناك حالات من الاصطفاف الواضحة بين قوى إقليمية ودول عربية وخليجية وهي ربما تكون أحد الخيارات، خاصة أنه ليس هناك موقف عربي واحد، ولا حتى موقف خليجي واحد من الأدوار السلبية التي تقوم بها إيران في المنطقة خلال العقود الأربعة الماضية.

اليمن معضلة كبرى في معادلة الأمن الإقليمي العربي، لا سيما مع تهديدات الحوثيين واعتدائها المتكرر على الأراضي السعودية، وأخيراً على الإمارات.. إلى ذلك تتعدد تأويلات تداعيات المشهد الأمني والسياسي على خلفية الوضع في اليمن ومفاوضات طهران مع الغرب.. كيف نتدبر ذلك المشهد بكافة تعقيداته؟

نعم أقرّ معكم بأن المشهد معقد في المنطقة وفي مسألة الملف اليمني؛ لأنّ هذا الملف تتقاطع فيه مصالح دول كثيرة إقليمية ودولية؛ بينما يشارك اليوم في خطوات الحل السياسي أكثر من طرف، مما يزيد المشهد تعقيداً. لكن هناك بارقة أمل تحدث على الأرض اليمنية عبر القوة العسكرية التي يمكن أن تغير في المعادلة السياسية إذا ما سارت الأمور هناك على ذات الوتيرة، التي نشهدها اليوم.

تسعى الرياض في إطار محيطها الخليجي والعربي نحو ممارسة دور يضطلع وتحديات الأمن الإقليمي..عبر ذلك ما هي رؤيتكم للسياسة الخارجية السعودية نحو تلك الأهداف؟

المملكة العربية السعودية دولة متوازنة في تصرفاتها السياسية، وعلاقاتها الإقليمية والدولية، وراسم السياسة السعودي اليوم لديه أولويات تتدرج من الأمن الداخلي، والثوابت الوطنية، ثم الأمن الإقليمي في دائرته الثانية، الخليجية والعربية، وتحاول المملكة التصدّي لكل حالات الإخلال بأمن المنطقة عبر الطرق الشرعية، والدبلوماسية الفاعلة، ودعم كل القوى العربية التي تتعرض لهجوم من دول الإقليم ومن غيرها.

تنظيمات الإسلام السياسي، بشقيها السني والشيعي، تعمل على حلحلة الاستقرار السياسي في عدد من دول المنطقة. نحو ذلك تبدو الأوضاع في لبنان كأنّها تقبع في هوة سحيقة نتيجة الانسداد السياسي.. ما هي مآلات ذلك إقليمياً؟

الاستقرار مسؤولية الجميع، والأمن القومي العربي مسؤولية عربية يجب إحياؤها، والدفاع عنها، والفاعلين ما دون الدولة من جماعات، وفصائل، وأحزاب صنيعة الثقافة الثورية الإيرانية التي تفسد الحياة بكل أشكالها في لبنان، ولديها خطط لإفساد الحياة، وتدمير مؤسسات الدولة في العالم العربي. وإذا استمرت الأوضاع على هذه الوتيرة، فقد نشهد أكثر من دولة عربية فاشلة، ومحطمة، وقد يغدو الإقليم محطة للقلاقل، والهجرة، وربما الحروب.

 

ليفانت - رامي شفيق

كاريكاتير

النشرة الإخبارية

اشترك في قائمتنا البريدية للحصول على التحديثات الجديدة!